الآية فيها تعبير بالغ الدقة عن طهارة مريم وتعجبها من ولادتها لعيسى من غير سبب مألوف بين الناس.
معنى قول مريم
قالت مريم: وَلَمْيَمْسَسْنِيبَشَرٌوَلَمْيَمْسَسْنِيبَشَرٌوَلَمْيَمْسَسْنِيبَشَرٌ أي لم يحصل مني أي اتصال جسدي يُمكن أن يترتب عليه حمل، لا عن طريق زواج حلال ولا عن طريق حرام، ولذلك أتبعته بقولها وَلَمْأَكُبَغِيًّاوَلَمْأَكُبَغِيًّاوَلَمْأَكُبَغِيًّا تأكيدًا لعفتها.
فالمعنى: من أي وجه يكون لي ولد، وأنا عذراء طاهرة لم يقربني رجل بوجه من الوجوه المعروفة لحدوث الولد؟
لماذا قالت "بشر"؟
لفظ "بشر" أعم من "رجل"، لأنه يشمل كل إنسان يمكن أن يُتصوَّر منه حصول سبب الحمل، صغيرًا كان أو كبيرًا، حرًا أو عبدًا، لا خصوص "الزوج" أو "الرجل الكامل".
واختيار كلمة "بشر" أنسب مع ذكر "المس"؛ لأن "البشر" من البشرة (الجلد)، فيناسب مقام نفي أي تماسٍّ جسدي أصلًا، وهو أبلغ في بيان كمال الطهارة.
بلاغة التعبير القرآني
جاءت الآية في سياق "بشارة" مريم بغلام، ثم جاء لفظ "بشر" في ردها، وفيه انسجام صوتي ومعنوي بين البشارة وبين نفي أي سبب بشري لهذه البشارة.
كما أن استعمال "بشر" في مواضع أخرى من القرآن يرتبط غالبًا بوصف الجسد الإنساني، مما ينسجم مع كون مريم تنفي وقوع العلاقة الجسدية، وتترك أمر الخلق لقدرة الله المباشرة.
